الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد: فقد جاء الإسلام لنشر الفضيلة ومعالي الأخلاق ومحاسنها بين الناس، والنهي عن كل رذيلة، واجتناب مساوئ الأخلاق، فرغب في التحلي بالخلق الحسن، بل وكان نبينا صلى الله عليه وسلم مثالًا حيًّا للأخلاق العالية الرفيعة، كما ربى جيلا من أصحابه يتميزون حتى يومنا هذا بالجيل الأفضل أخلاقًا في تاريخ الإسلام. فقد كانت بعثته صلى الله عليه وسلم دعوة للفضيلة والحث على الأخلاق الحسنة ومعالي الأمور، فلم يترك فضيلة إلا ورغب فيها ودعا إليها مبينا ثواب من التزم بها وعمل بمقتضاها، حثَّ على الأخلاق الحسنة فيما بين العبد وربه بعبادته وحده لا شريك له، وامتثال أمره واجتناب نهيه، والاستعانة به، والرضا بما قضى وحكم، والتوكل عليه، وغيرها من أنواع العبادات. كما حث على الأخلاق الحسنة فيما بينه وبين العباد، وأجلها الانقياد لأوامر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم والابتعاد عما نهى عنه وزجر، ومحبته، وما بينه وبين الوالدين ببرهما وطاعتهم في غير معصية الله، وحسن الجوار، وإحسان الصحبة، وحسن المعشر. وبالجملة كانت رسالته صلى الله عليه وسلم دعوة لكل خلق حسن واستكمالا لكل فضيلة في نفوس أمته والبشرية جمعاء، ودعوة لبناء مجتمع إيماني قوامه الأخلاق العالية الرفيعة، فقد كان العرب قديما يشتهرون بالأخلاق الكريمة والمناقب العالية، فجاءت بعثته صلى الله عليه وسلم تتميما لهذه الأخلاق، فكما أنه اللبنة الأخيرة في بناء الأنبياء فهو أيضا اللبنة التي أتمت مكارم الأخلاق والفضائل الحسنة. رُوي عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ» [1]، وفي رواية:«لأتمم مكارم الأخلاق» [2]. [1] مسند الإمام أحمد بن حنبل، ح: 8952، والسنن الكبرى للبيهقي، ح: 21303، ومصنف ابن أبي شيبة، ح: 31773. [2] السنن الكبرى للبيهقي، ح: 20571، ومصنف ابن أبي شيبة، ح: 31773. _________________________