بسم الله الرحمن الرحيم
إن الأمم قد تتيه والشعوب قد تتيه والدول قد تتيه
فالله عز وجل جعل بني إسرائيل يتيهون في الأرض أربعين سنة بسبب إعراضهم ونكولهم عن الجهاد،
حينما قالوا:"اذهب انت وربك فقاتلا"
فكانت العقوبة ان تاهوا حتى هلك ذلك الجيل الذي الف الخنوع والخضوع والذل لفرعون
وخرج من أصلابهم جيل جديد تربى قي التيه على قسوة الظروف
جبَلته المعيشةُ بين الجبال أن يكون مثلَها في علوّ همّته وقوّة بأسه وثباتِه،
وهو نفسه التيه الذي تعيشه أمتنا هذه الأيام،
تيه في الاعتقاد فهناك من يعبد القبور والتمائم وهناك من يعبد الاشخاص ويقدسونهم تيه في الأفكار،
وتيه في التصورات، وتيه في المشاعر، وتيه في السلوك،
وتيه في الأخلاق، وتيه في تعلم العلوم النافعة،
وتيه في إصلاح أوضاع المجتمعات،
وأنواع أخرى من التيه في مجالات شتى ،
فما تكاد تلتف يمنة ويسرة إلا وتجد التيه والضياع،
تيه في مجالات الاقتصاد، وتيه في مجال الاجتماعيات،
وتيه في مجال الإدارة، وتيه في مجال السياسة،
وتيه في النظم ومجالات أخرى لا عد لها ولا حصر
أمتنا مخدّرةٌ بالفن والرياضة والمسرح
والشعوب ذاتها غارقةٌُ في وحل الشهوات ومستنقعات الرذيلة ما بين كأس وغانية
وسباق محموم لحرب الله تعالى بالرِّبا، ومن استحيا منها تسلل لواذًا إلى الربا بطرق ملتوية وفتاوى مشتبهة
لذلك ابتلانا الله بهذه الدماء والأشلاء في كل مكان ناهيك عن الأسرى
واستباحة الأوطان والأموال والأعراض
فإن التيه التي تعيشه أمتنا، والعلم عند الله تعالى، أنه لنفس غرض تيه بني اسرائيل
وهو أن الطاقات الموجودة الآن في العالم الإسلامي كله من أقصاه إلى أقصاه، بكافة قطاعاتها
عاجزة عن التغيير، قاصرة عن العطاء
ليست مؤهلة لإصلاح الأوضاع،
و ليست مؤهلة لتحرير الأرض المغتصبة،
و ليست مؤهلة للارتقاء بالأمة ونزعها من الوحل الذي تعيش فيه.
فالأمة بحاجة إلى تربية بحاجة إلى تيه يتربى فيه الاجيال
فلا بد من التيه لسنوات وسنوات، حتى يزول وينتهي هذا الجيل المتهالك،
ويخرج الله جيلا قويا معطاءً، تربى في ظلمات هذا التيه،
وتحصن عقديا وفكريا وعلميا وخلقيا، ،
والله قادر على إخراج أجيال صلبة قوية،
نشأت وتربت في المعارك والحروب
فتكون أصلب عودا وأكثر عتادا وأطول نفسا
وأكثر وعيا بحقيقة المعركة التي تدور في الأرض بين دين الله وأعداء الله
فيتربون كما تربت بنو إسرائيل في ذلك التيه،
يكون الفتح على يديه، ويكون تحرير الأرض على يديه
ويكون الإصلاح الشامل على يديه،
والنتيجة إن شاء الله ضد مصالح من يخطط لإبادة الإسلام،
ولكن
النصر ليس عبارة تكتب، ولا شعار يرفع، إنه غالي الثمن،
ومن المستحيل أن يتحقق النصر بضعفائنا على يد قوم يلعنون خيارنا،
ومن المستحيل أن يتحقق النصر لأمة عطَّلت الجهاد وسكتت عن الإلحاد ورضيت بالفساد.
إنَّ الذين يرفعون راية النصر في المستقبل قومٌ وصفهم الله بقوله في سورة الإسراء: عِبَادًا لَّنَا،
حقّقوا العبودية لله تعالى قولاً وعملاً واعتقادًا،
لم يتحدث عن دولتهم ولا عن حزبهم ولا عن لونهم، بل وصفهم بالعبودية لله تعالى.
كيفية البداية
النصرَ لا يكون إلا إذا حُقّقت أسبابُه،
والله تعالى خالقُ الأسباب وشارعها، وعالمٌ بالحوادث ومقدِّرها،
فعودوا إلى الله ربِّكم، وصحّحوا إيمانَكم وعقيدتكم، وليتفقَّد كلٌّ منَّا نفسَه وأهلَه ومَن حولَه،
لنسير جميعاً كما أمرَنا الله،
فإنَّ الجماعةَ لا تصلح إلا بصلاح أفرادها،
ولا أقلّ من أن تكفيَ الأمةَ نفسَك،
وعند تحقيق ذلك أبشِروا بنصر الله وثقوا بموعوده.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
منقول